خصائص الاسره المسلمه:
--------------------------------------------------------------------------------
إن العائلة المسلمة التي تريد أن تطبق قوانين الإسلام في الأسرة يجب أن تسودها الأمور التالية بشكل جيّد :
اولا : تبادل المحبة :
ونقصد
به ، تبادل الحُب والعطف بين الزوجين من ناحية ، وبينهما وبين الأولاد من
ناحية أخرى ، فإن الأسرة إذا غادرها الحب ، وهجرها العطف ، لا بُدَّ أن
تتفاعل فيها عوامل الانهيار والهدم ، فتُهدِّد مصير الأسرة .
ولا
بُدَّ أن كل دقيقة تَمرُّ عَبْر حياة هذه الأسرة تنذر بأن تكون هي تلك
الدقيقة التي تتحول فيها إلى ركام من أنقاض ورماد ، لأنها تكون دائماً على
مسرح خطر معرَّض لِلَهِيب النار ، ولَفَحات البركان .
إن الحب
المتبادل يجب أن يرقد في قلب كل واحد من أفراد الأسرة ، حتى يكون قنديلاً
يضيء له دروب الحياة ، ونبراساً لمسيرته نحو روافد السعادة وينابيع
الازدهار ، ومنابع الخير والنعيم ، ومن ثَمَّ يكون مشعل الحياة الفُضلَى
في دَرب الحياة الكبير .
إن الحب المتبادل هو العامل الفَعَّال الذي يدفع كل واحد من أفراد الأسرة إلى أن يتحمَّل مسؤولياته بِرَحَابة صَدْر .
فكل واحد يشعر بأنه سعيد لأنه يتمتع بعطف الآخرين ، وحُبهم العميق ، ولهذا فإن الإسلام يركّز كثيراً على هذه النقطة .
يقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) مؤكداً ذلك : ( إِنَّ الله عزَّ وجلَّ لَيرحم الرَّجل لِشِدَّة حُبِّه لولده ) .
كما
يؤكد الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ذلك بقوله : ( أحِبُّوا
الصبيان وارحَمُوهم ) ، لأن الحُبَّ والرحمة عاملان أساسيان في توطيد
العلاقات العائلية .
ثانيا : التعاون المشترك :
يجب أن يسود التعاون المشترك في المجالات المختلفة بين أفراد العائلة ، لكي لا تُشَلُّ الأسرة عن حيويتها ونشاطها بصورة مستمرة .
فإن
التعاون يكنس الإرهاق ، ويذيب التذمر من تحمل المسؤوليات ، وكذلك يوطد
علاقات أفراد الأسرة بعضهم مع بعض ، ولا يدع مجالاً لأن يتسرب التفكك إلى
ربوع العائلة المسلمة ، التي تلتزم بمبدأ التعاون ، والتكافل الإجتماعيين .
والتعاون بين أفراد العائلة لا بُدَّ وأن يقود سفينة الحياة نحو مرافئ السعادة ، ونحو موانئ الرفاه ، والهناء ، والدفء .
التعاون لا بُدَّ أن يحقِّق كل الآمال التي يعيشها جميع أفراد العائلة ، ويترجمها على حلبة الواقع العملي .
التعاون لا بُدَّ أن يجسد كل الأماني التي تدور في سراب الأفكار ، فيمثلها مجسمة نابضة بالحياة .
ثالثا : الاحترام المتبادل :
تبادل
الاحترام ، والتوقير ، والإحسان ، سواءً من جانب الصغير للكبير ، أو من
جانب الكبير للصغير ، يزرع بذور الشعور بالشخصية ، ويغرس أوتاداً توطد
العلاقات الأُسَرِيَّة بين الأفراد .
فعلى الوالدين أن يرحما الأولاد ، لكي يحترمهما الأولاد من جانبهم ، وكذلك على الأبناء أن يحترموا الآباء ، ويحترم أحدهم الآخر .
ويؤكد الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) على هذه الناحية بقوله : ( وَقِّروا كِباركم ، وارحَموا صِغاركم ) .
كما يؤكدها الإمام علي ( عليه السلام ) بقوله : ( وَارحَم من أهلِكَ الصغير ، وَوقِّر الكبير ) .
فالإسلام
يبني علاقات الأسرة على أساس من الإحسان المتبادل بين الزوج والزوجة ،
والزوج والأولاد ، والزوجة والزوج ، والزوجة والأولاد .
ويحدّد
القرآن الحكيم طرقاً من هذه العلاقة النبيلة ، حيث يخط ضمن آية من آياته :
( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ
اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) البقرة : 83 .
وهو يرفض -
حينما يرسم العلاقات الأسرية - أن ينشأ التنافر والتضجر بين أفراد العائلة
، أو ينبت التذمر والابتعاد ، فيحرض دائماً أن يقيم الأولاد علاقاتهم على
أساس العطف ، والحنان ، والاحترام ، والإحسان .
فقال تعالى : (
وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ
كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل
لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ) الإسراء : 23 .
رابعا : طاعة رَبّ العائلة :م
إن
إطاعة الأب من قبل جميع أفراد العائلة يمثل النقطة المركزية في الأسرة ،
لأنه أعرف - بحكم تجاربه وثقافته - بالمصالح الفردية ، والإجتماعية ، لكل
واحد منهم .
وطبيعي أن الإسلام يقرّر الطاعة للأب في حدود طاعة
الخالق ، فلو تمرَّد الوالد على مُقرَّرات النظام العام ، وشذَّ عن حدود
العقيدة ، وراحت أوامره تنغمس في رافد مصلحي شخصي ، فلا يجوز للأولاد أو
الزوجة إطاعته في الأمور العقائدية والدينية .
لأن أوامره لا تحمل حينذاك أية مصونيَّة تقيها من الظلم ، والعصيان والتمرد .
وصرَّح
بذلك القرآن الحكيم في قوله : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي
مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي
الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) لقمان : 15 .
فهنا تنقطع العلاقات
العقائدية ، والعملية بينهما ، أمَّا علاقات الحب ، والعطف ، والوِدّ ،
والإحسان ، فيجب وصلها مع الأب حتى المنحرف فكرياً ، لئلا تنهار الأسرة .